"ما لا يخبرك به أحد عن صعوبات التعلم"

‏29 مايو 2025 التربيه الخاصه
مشاركة

(عندما يكون الذكاء في مكان مختلف)

المقدمة: 

في كل صف دراسي هناك طفل ينظر إلى الورقة البيضاء ولا يعرف من أين يبدأ ليس لأنه لا يريد أن يتعلم بل لأن عقله يعمل بطريقة مختلفة.

صعوبات التعلم ليست شيئا نادر أو غريب
 بحسب الجمعية الأمريكية لصعوبات التعلم (LDA) 
ما يقارب 15% من الطلاب يعانون من شكل من أشكال صعوبات التعلم سواء في القراءة أو الكتابة أو الحساب أو التركيز ورغم هذا لا يزال الكثير من هؤلاء الأطفال يُساء فهمهم ويُعاملون على أنهم “دون المستوى”.

لكن ماذا لو أخبرتك أن المشكلة ليست في الطفل بل في الطريقة التي نقيس بها الذكاء
ماذا لو كانت صعوبات التعلم تخفي وراءها قدرات غير تقليدية؟
(صعوبات التعلم لا تعني قلة الفهم)

1.هناك فرق كبير بين الذكاء الأكاديمي والقدرة على التعلم.

    الطفل الذي لديه  ديسلكسيا (صعوبة في القراءة) قد يفهم القصص بعمق  لكنه لا يستطيع قراءتها بنفسه.

    طفل اضطراب فرط الحركة (ADHD) قد لا يجلس ساكنًا في الحصة لكنه يحل المشاكل العملية بطريقة تفوق زملاءه
.
    طفل الديسكالكوليا (صعوبة في الرياضيات) قد يكون فنانًا يدهش الجميع برسوماته وتفاصيله الدقيقة.

هؤلاء الأطفال أذكياء فقط بطريقة لا تظهر في الاختبارات التقليدية.


2.الذكاء متعدد لكن المدرسة ترى نوع واحدًا فقط

عالم النفس “هوارد غاردنر” طرح نظرية الذكاءات المتعددة ويقول فيها إن الإنسان قد يكون:
    •    ذكيا لغويا
    •    أو منطقيا رياضيا
    •    أو بصريا
    •    أو جسديا-حركيا
    •    أو موسيقيا
    •    أو اجتماعيا
    •    أو ذاتيًا

لكن المدارس في معظم الدول تقيّم فقط أول نوعين وهذا يجعل كثير من الأطفال يبدون أقل من قدراتهم الحقيقية فقط لأنهم لا يتوافقون مع النظام السائد.

3.الدماغ المختلف هو قوة خارقة… لو فهمناها

الدراسات الحديثة باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي أثبتت أن:
    أدمغة الأطفال ذوي صعوبات التعلم تستخدم طرقًا مختلفة لمعالجة المعلومات.
    في بعض الحالات تنشط مناطق أكبر من الدماغ للتعامل مع المهام البسيطة مما يدل على جهد مضاعف يبذله هؤلاء الأطفال.

لكن هذا لا يعني ضعفًا بل يعني أنهم يحتاجون مسارًا خاصًا للتعلم.

تخيّل أنك تقود سيارة سباق على طريق ترابي ليست المشكلة في السيارة بل في الطريق.

4.⁠ ⁠التعليم المصمم حسب الطفل لا العكس

لنكن صريحين: كثير من المعلمين لا يتلقون تدريبًا كافيًا لفهم صعوبات التعلم. وغالبًا ما يُقال للطفل:
    •    “ركز!”
    •    “أنت ذكي بس كسول!”
    •    “أخوك أحسن منك!”

وكل هذه الجمل تدمر الطفل من الداخل ما يحتاجه هو:

✅ التكييف التعليمي 
    •    كتب صوتية بدلًا من القراءة النصية.
    •    أدوات حسية لتعلم الرياضيات.
    •    فترات راحة متكررة أثناء التعلم.
    •    بيئة صفية خالية من التشتت.

✅ التركيز على نقاط القوة:
قد يكون الطفل لا يقرأ جيدًا لكن يمكنه التعبير عن فهمه بالرسم أو التمثيل أو الكتابة الإبداعية.

5.⁠ ⁠صعوبات التعلم قد تكون طريقًا للنجاح غير المتوقع

قد تبدو هذه العبارة غريبة… لكن التاريخ يؤيدها.

هل تعلم أن هؤلاء واجهوا صعوبات تعلم في طفولتهم؟
    •    ألبرت أينشتاين: لم يتحدث حتى سن الرابعة، وكان يُعتقد أنه يعاني من بطء في الفهم.
    •    توماس إديسون: طُرد من المدرسة، وقيل لوالدته إنه “غير قابل للتعليم”.
    •    ستيفن سبيلبرغ: مخرج شهير، كان يعاني من الديسلكسيا.

كل هؤلاء لم يكونوا “فاشلين” بل كانوا أذكياء بطريقة لم يفهمها معلموهم آنذاك.

6.⁠ ⁠ماذا يمكن أن يفعل الأهل والمعلمون؟

للوالدين:
    •    استمع لطفلك أكثر مما تُصحّح له.
    •    لا تُقارنه بأحد.
    •    ابحث عن نقاط قوته وشجعه عليها.

للمعلمين:
    •    لا تعتمد على أسلوب واحد للجميع.
    •    امنح الطالب خيارات متعددة لعرض فهمه.
    •    لا تجعل الخطأ دليلًا على الفشل، بل على المحاولة.

الخاتمة: 
نحو نظرة مختلفة

صعوبات التعلم ليست عائقا بل دعوة لإعادة النظر في الطريقة التي نعلم بها أطفالنا.

فبدلاً من أن نُصرّ على تعليم الطفل بالطريقة نفسها لماذا لا نغيّر طريقتنا لتناسب طريقته؟
وبدلًا من السؤال التقليدي:

لماذا هذا الطفل لا يتعلم مثل الباقين؟
لنسأل:
هل نحن نعلّمه بالطريقة التي يفهم بها؟

حين نفعل ذلك لا نساعد الطفل فقط 
بل نعيد تعريف “التعلم” نفسه

 

أ. انوار المطيري